أهلاً وسهلاً بكم أيها الزوار الكرام عبر مدونتي

06‏/04‏/2011

ما زلت حيا


ما زِلْتُ حَيَّاً


شعر محمد صافي

مَا بَالُهَا الأَشجارُ تَذْرُفُ دَمْعَةً
وَأنا على جذعِ الأَسَى
فِي جُعْبَتِي غُصْنٌ مِنَ الزَّيْتُونِ
تَرْوِيهِ الْعُرُوبَةُ مِنْ دَمِي

يَا حامِلي الأَوهَامِ أَيْنَ قِيَامُكُمْ
بَانَتْ خَبَايَاكُمْ فَلاَ تُلْقُوا عَلَيَّ عَزَاءكُمْ
الصَّمْتُ خَاطَبَ مُهْجَتِي
عَنْ ظُلْمِكُمْ ... عَنْ حِقْدِكُمْ
فَلْتَصْلِبُونِي وَاقْتُلُونِي وَاصْنَعُوا
مِنْ لَحْمِ قَلْبِي ثَوْبَكُمْ
وَمِنَ العِظَاْمِ تَقَاْسَمُوْا
لا دَمْعَةٌ فِيْ مُقْلَتِيْ تَشْكُوْ ذِئَاْبَ الغَدْرِ
لَوْ نَهَشَتْ عِظَاْمِيْ عِنْوَةً

فَلِكُلِّ مَنْدِيْلٍ سَلامٌ قَدْ تَعَطَّرَ مِنْ عُيُوْنِ الأُمَّهَاتِ
بِلَيْلَةٍ فِيْهَا الدُّمُوْعُ نُزُوْلَهُ فَاقَ المَطَرْ
يَا صَوْلَةً يَكْفِي ضَجَرْ
شُكْرَاً لَكُمْ
لَمْ تسْمَعُونا الْيَوْمَ فَي صَمْتٍ
لأَنَّا لا نَزَالُ بِصَمْتِكُمْ نَرْنُو لأَضْرِحَةِ الجَوَى
كُنَّا صِغَارَاً فِي دُرُوْبِ الوَجْدِ
نَحْتَرِفُ الهَوَى
فَيَقُوْدُنَا تِرْحَالُنَا مَا بَيْنَ أَوْدِيَةٍ
يُقَاسِمُنَا الرَّدَى
لِنُعَانِقَ الآلامَ فِي صَمْتٍ
لِكَيْ نَنَسَى الأَسَى
يَا أُمَّنا فِي الصُّبْحِ
إِنِّا قَدْ نرَى
نُوْرَاً لِشَمْسٍ تَصْطَفِي عَزَفَتْ قَصِيْدَاً
فَوْقَ أَوْتَارِ الدُّجَى
لا قِبْلَةٌ فِي نَحْرِنَا بَعْدَ الَّذِيْنَ بِعُمْرِهُمْ
صَنَعُوْا الجِهَادَ مِنَ النَّوَى

فَكَفَى كَفَى
قُلنَا بِإِسْمٍ وَاحِدٍ
مَا زِلْتُ حَيَّاً أَغزُلُ الأَشْعَاْرَ
مِنْ نَسْلِ العَنَاْكِبِ فَوْقَ مِرْآةٍ تَحَطَّمَ شَكْلُهَاْ
لا تَسْأَلُوا عَنِّيْ أُجِيْبُ فَإِنَّنِي
حِبْرٌ تَلعثمَ بَيْنَ أَوْرَاْقِ الزَّمَنْ
إِسْمِي فِلِسْطِيْنُ الهُوِيَّةِ لَوْ بَحَثْتُمْ عَنْ مَكَاْنِي
فَابْلِغُوْنِيْ سَوْفَ أَبْكِي لَحْظَةً
قبلَ التَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ لِنَكْبَتِي
هَذَا الزَّمَانُ يُنَقِـّبُ ...
عَنْ ثورةٍ فِيهَا الْوَفَاءُ سَنَا
وَيَرْبُو فِي الرُّؤَى
يَابَحْرُ قُمْ وَارْفَعْ جَبِيْنَكَ عَالِيَا
فَتَنَبَّأَتْ أَجْيَالُنَا أَنَّ المَهَابَةَ
أَنْجَبَتْ مِنْ رَحْمِهَا بَطَلاً عَنِيْدَا

لا تَسْأَلُوْنِي عَنْ وَفَاْءٍ فِي حَجَرْ
ما زِلْتُ أَبْحَثُ عَنْ دِيَاْرِيْ فِيْ السَّحَرْ
ذَاْكَ المُخَيَّمُ لَيْسَ أَرْضِيْ
أَعْرِفُ السَّبَعَ ... وَحَيْفَاْ جَاْءَ فِيْ كُرَّاْسَتِيْ مُنْذُ الصِّغَرْ
هَذِي البِلادُ بِلادُنَاْ لا تَنْحَنِيْ مَهْمَاْ الظَّلامُ تَمَرَّدَا

ما زِلْتُ حَيَّاً مِثْلَ طَيْرٍ يَحْمِلُ الأشعارَ فَوْقَ جَنَاْحَهُ ...
الْعَيْنُ لاَ تَبْكِي فَكَبَّلَهَا الْعَمَى
وَالرِّمْشُ قَالَ بِرَعْشَةٍ
لَوْنَ الْمَسَاءِ تَأَرْجَحَا

حَمَلَ الحَمَامُ جِهَادَنَا
وَتَرَبَّعَتْ مِنَّا هُنَا أَحْلامُنَا
يَاسَيِّدِي
نَقَشَ الزَّمَانُ لِوَاءَكَ القِّدِّيْسَ
فَوْقَ سَحَابَةٍ فِيْهَا الإِبَاءَةُ
أَمْطَرَتْ لُغَةَ الأَسِيْرِ لِصَمْتِنَا

تَتَسَاقَطُ الأَشْجَارُ قَبْلَ نُضُوْجِهَا
كَمَجَرَّةٍ تُصْغِي لِقَصِّ
رِوَايَةً أَبْطَالُهَا
بِالأَمْسِ قَالُوا يَوْمَهَا
أَنَّ الأَسِيْرَ فَسَوْفَ يَأتِي
مِنْ جَدِيْدٍ كَيْ يُسَانِدَ خَوْفَهَا

يَا نَجْمَةَ اللَّيْلِ الْجَمِيلِ فَأيْنَ أَنْتِ
مِنَ الظَّلَامِ حزينةً
أيُّ الدَّقَائِقِ وَالثَّوَانِي فِي رِحَالِ المُنْتَقِمْ
عُودِي كَمَا الْمَاضِي
فَلنْ أَبْكِي لأنَّ الْيَومَ قَلْبِي قَدْ بَكَى

فَلْتَفْرَحِي وَتُزَغْرِدِي يَا قَلْعَتِي ...
الوَقْتُ يَسْرِقُ نَفْسَهُ
يَتَقَرَّبُ وَيُهَيِّئُ اللَّونَ البَغيظَ
بِطَاقَةً لِمُرُورِنَا عَبْرَ الأنينِ بِشاهدِ الليلِ الْكَحِيلِ
كَأَنَّنَا فِي الدَّرْبِ نَمْضِي وَحْدَنَا

إِنَّ البَنَاْدِقَ تَسْتَرِيْحُ هُنَاْ قَلِيْلاً تَشْتَكِيْ صَمْتَاً أَلا أَنْتُمْ بَشَرْ !
لنْ تَأْسِرُوْنِيْ مَيِّتَاً
ما زِلْتُ حَيَّاً فَوْقَ أَرْضِيْ مِنْ لِواءِ المجدِ أَصْنَعُ قُوَّتِيْ
وأقودُ مملَكَةَ الوفاءِ بثورتي